المتابعون

الجمعة، 27 يوليو 2012

الملكية في الشهر العقاري

                الملكية في الشهر العقاري

في الحق أن القانون رقم (114) لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري خطوة موفقة ‏نحو إدخال نظام السجلات العينية الذي هو المقصد من إصلاح نظام الشهر.
ولما كان الأمر كذلك رأيت أن أقوم بشرح بعض نصوص القانون من الناحية التطبيقية ولعلني ‏بعد هذا كله أكون قد قمت بنصيب في خدمة الشهر راجيًا من الله تعالى أن يوفقني قريبًا في ‏تكملة البحث.
في البحث العملي نتعرض لكلمة بحث التكليف وبحث الملكية: فالمقصود ببحث التكليف هو ‏بحث العلاقة التي تربط الصادر ضده التصرف بصاحب التكليف.
والمقصود ببحث الملكية هي المحررات التي تقبل فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية والحق العيني ‏في ظل قانون الشهر العقاري وهي:
‏1 - المحررات التي سبق شهرها.
‏2 - الوصية التي تمت قبل العمل بأحكام قانون الشهر العقاري.
‏3 - المحررات التي ثبت تاريخها قبل سنة 1924 من غير طريق وجود توقيع أو ختم لإنسان ‏توفي.
‏4 - المحررات التي تحمل تاريخًا سابقًا على سنة 1924 إذا كان قد أخذ بها قبل العمل بأحكام ‏قانون الشهر العقاري في محررات تم شهرها أو نقل التكليف بمقتضاها لمن صدرت لصالحه ‏‏(المادة (139) من التعليمات) ويستثنى من الحكم المذكور سابقًا المحررات التي تم توثيقها أو ‏التصديق على توقيعات المتعاقدين فيها أو التي صارت في شأنها أحكام بصحة التعاقد والتوقيع ‏قبل العمل بأحكام قانون تنظيم الشهر العقاري وكانت تسند في إثبات أصل الملكية لحق عيني ‏لمحررات عرفية تحمل تاريخًا سابقًا على سنة 1924 (المادة (140) من التعليمات).
وسنقصر بحثنا هذا لقواعد مراجعة ملكية المباني في المدن المربوط عليها عوائد مبانٍ.
عند بحث هذا الموضوع نجد أن هناك ثلاث مبادئ أصلية ترسم الخطوط الأساسية في البحث ‏وتوجيهه وهي:
‏1 - القاعدة العامة في مراجعة أصل الملكية توجب تقديم مستندات التمليك مع آخر قسيمة ‏عوائد تثبيت أن العقار وارد في تكليف الشخص الصادر منه التصرف.
‏2 - القاعدة العامة في ربط المباني بالعوائد هي ربطها باسم من أقام البناء لا باسم مالك ‏الأرض.
‏3 - القاعدة العامة في إثبات الملكية بوضع اليد المدة الطويلة بالنسبة للمباني توجب التفرقة ‏بين حالتين:
‏( أ ) - حالة المباني الواقعة في المدن المربوط عليها عوائد مبانٍ:
في هذه الحالة يجب تقديم كشف رسمي (مكلفة) من تكليف العقار من سنة 1923 ولمدة خمس ‏عشرة سنة هلالية بشرط أن يعزز بآخر قسيمة عوائد أو كشف رسمي من المكلفات الحالية ‏يثبت منه أن العقار ما زال موجودًا في تكليف الشخص الصادر منه التصرف.
‏(ب) حالة المباني الواقعة في سكنات النواحي المعفاة من الضرائب والغير مربوط عليها عوائد ‏مبانٍ:
ففي هذه الحالة يعمل (محضر تحقيق بالطبيعة) يؤخذ فيه أقوال أصحاب الشأن وجميع الملاك ‏المجاورين ورجال الحكومة المحليين ليثبت منه ما يأتي:
‏1/ أن وضع يد الشخص الصادر منه التصرف ظاهر وهادئ ومستمر بدون نزاع وبصفة مالك.
‏2/ إن وضع اليد يبدأ من سنة 1923 ولا تتخلله محررات عرفية غير مسجلة لاحقة لسنة ‏‏1923 (المادة (144) فقرة (8) من التعليمات).
فإذا ما ثبت التحقيق ذلك فيكتفي بالمحاضر المذكورة.
والحكمة في اشتراط سنة 1923 بداية لتاريخ وضع اليد هو التأكد من أن صاحب تكليف ‏المباني لم يتملك الأرض المقام عليها البناء بعقد عرفي لاحق لسنة 1923 وغير مسجل لأنه ‏بذلك يكون مخالفًا للمادة الأولى من القانون رقم (18) و (19) لسنة 1923 (قانون التسجيل ‏السابق) ولا يمكن الأخذ به كمستند لملكية المباني والأرض التي بنى عليها، أما إذا كانت ‏المباني واردة في تكليف الصادر منه التصرف من تاريخ سابق لسنة 1924 فهذا دليل كافٍ ‏على اعتباره مالكًا للأرض والمباني منذ قبل العمل بقانون التسجيل السابق (1 يناير سنة ‏‏1924) ولو كان مصدر ملكيته للأرض عقد عرفي غير مسجل لأن مثل هذا العقد كان في حينه ‏كافيًا لنقل الملكية بين المتعاقدين طبقًا لأحكام القانون المدني القديم.
فإذا ثبت من الكشوف الرسمية (المكلفات) المقدمة مع طلب الشهر أن العقار محل التعامل ‏مربوط بالعوائد في تاريخ لاحق لسنة 1924 ولم يقدم مستند تمليك البائع للأرض المقام عليها ‏البناء فكيف تتم المراجعة في هذه الحالة؟
يجب التفرقة بين حالتين:
الحالة الأولى: حالة كون المدينة الكائن بها العقار محل التعاقد قد تقرر ربطها بعوائد المباني ‏منذ قبل سنة 1924 وفي هذه الحالة نجد أن الحكمة من اشتراط تقديم الكشف الرسمي ابتداءً ‏من سنة 1923 طبقًا للمادة (144) فقرة (3) من تعليمات الشهر متوفرة كل التوفر غير أن ‏الثابت من الكشف الرسمي المقدم أن العقار لم يربط بالعوائد إلا سنة 1934 مثلاً أو سنة ‏‏1936 مثلاً (أي في تاريخ لاحق لسنة 1923) وبذلك توجد استحالة مادية في استحضار ‏الكشف الرسمي المطلوب عن هذا الملك من سنة 1923 لأنه لم ينشأ له تكليف إلا من تاريخ ‏ربطه بالعوائد حسب الكشف الرسمي وعندئذ لا يخلو الحال في إثبات أصل الملكية للأرض من ‏أحد الأمور الآتية:
‏1 - أن تكون الأرض المقام عليها البناء أصلاً من الأراضي الزراعية الداخلة في كردون ‏المدينة واردة في تكليف صاحب المباني ثم رفع مالها (ضريبة ورد المال) لضمها إلى منافع ‏السكن والمدينة، ولا يوجد بيد البائع مستند تمليك لهذه الأرض الزراعية مما يندرج تحت حكم ‏المادة (139) و (140) من التعليمات السابق ذكرهما، ففي هذه الحالة يقدم كشوفًا رسمية من ‏تكليف الأرض الزراعية عن المدد الموضحة سابقًا في المادة (144) فقرة (3) من التعليمات، ‏ثم تعمل الأبحاث اللازمة للتأكد من أن الأرض المقام عليها البناء تقع ضمن الأرض الزراعية ‏الواردة في تكليف صاحب المباني من قبل ثم ضمت إلى منافع السكن بالمدينة.
‏2 - أن تكون الأرض المقام عليها البناء أصلاً أرضًا فضاء فقط معدة للبناء داخل كردون ‏المدينة وفي هذه الحالة يطالب صاحب الشأن بتقديم كشف رسمي من تكليف هذه الأرض عن ‏المدة من سنة 1923 لغاية تاريخ إقامة البناء عليها وربطه باسم صاحب الأرض (وهو ‏المتصرف الحالي).
‏3 - إذا عجز الصادر منه التصرف عن إثبات ملكيته أو وضع يده على الأرض قبل إقامة البناء ‏عليها نظرًا لكونها أرضًا فضاء غير واردة بالمكلفات أو لم يستدل على وجود تكليف لها ‏وأعطى له عنها شهادة سلبية أو إعلان بعدم الاستدلال على وجود تكليف لها (منشور 36 فني ‏لسنة 1948) ففي هذه الحالة لا يجوز الاعتماد على محاضر تحقيق بالطبيعة أو إقرارات من ‏رجال الإدارة المحليين بل يتعين التحقق فيما إذا كانت هناك قرائن أخرى يريد صاحب الشأن ‏الاستناد إليها في تعزيز ملكيته ووضع يده على الأرض.
ويلاحظ أنه في حالة وجود عقد عرفي سابق لسنة 1924 بيد صاحب المباني ويفيد شراؤه ‏الأرض فضاءً داخل المدينة وغير مقام عليها أي بناءً ويدعي أنها هي الأرض التي أقام عليها ‏بناءه الذي ربطت عوائده باسمه فيما بعد، يتعين هنا أيضًا من تحقق قرائن أخرى لتعزيز ‏الملكية.
الحالة الثانية: حالة كون المدينة الكائن بها العقار محل التعاقد قد تقرر ربطها بالعوائد في ‏تاريخ لاحق لسنة 1923.
وفي هذه الحالة بعد التأكد من تاريخ ربط المدينة بأسرها بالعوائد (إما بالمراجع الهندسية وإما ‏بسؤال المديرية بكتاب رسمي) يطالب صاحب الشأن بتقديم كشف رسمي من تكليف العقار ‏ابتداءً من تاريخ ربط المدينة ولغاية المدد الموضحة سابقًا بالمادة (144) فقرة (3) من ‏التعليمات ويكمل إثبات التملك بوضع اليد المدة الطويلة للأرض عن المدة من سنة 1923 ‏لغاية بداية الربط بمحضر تحقيق بالطبيعة لأن المدينة قبل تاريخ الربط كانت بأجمعها واقعة ‏ضمن كتلة السكن المعفاة من الضرائب والغير مربوط عليها عوائد مبانٍ ويؤخذ في المحضر ‏المذكور أقوال طرفي المحرر وجميع الملاك المجاورين ورجال الحكومة المحليين للتحقق من ‏أن وضع يد الصادر منه التصرف ظاهر هادئ مستمر بدون نزاع وبصفة مالك وأنه يبدأ من ‏سنة 1923 ولا تتخلله محررات بعد سنة 1923 غير مسجلة فإذا ما أثبت التحقيق ذلك فيكتفي ‏بالمحاضر المذكورة وتعتبر الملكية بوضع اليد المدة الطويلة وتتم المراجعة على هذا الأساس.
أما إذا كانت المدينة قد ربطت بالعوائد في تاريخ لاحق لسنة 1923 والعقار محل التعامل ربط ‏بالعوائد في تاريخ لاحق لهذا التاريخ أيضًا كأن تكون المدينة قد ربطت مثلاً سنة 1929 ‏والمنزل المراد التعامل عليه استجد بجرد سنة 1940 وربط بالعوائد في ذلك التاريخ فلا يجوز ‏الاكتفاء بإثبات الملكية بوضع اليد للأرض عن المدة سنة 1923 إلى سنة 1940 بمحضر ‏تحقيق بالطبيعة بل يتبع في هذه الحالة قواعد المراجعة السابقة بالنسبة للحالة الأولى.
وأخيرًا وليس آخر نكتفي بهذا القدر ولنا عودة في بحث آخر. ‏
مجلة المحاماة – العدد التاسع
السنة الرابعة والثلاثون
بحث للسيد الأستاذ عبد الغني صالح أبو بكر رئيس مأمورية الشهر العقاري بمكتب القاهرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق